حول | قصص العملاء | مرض السكري: هل يمكن للخلايا الجذعية المساعدة؟

مرض السكري: هل يمكن للخلايا الجذعية المساعدة؟

بواسطة المدير العلمي الدكتور آن سميث

يعد مرض السكري أحد الأمراض المزمنة المنتشرة بشكل كبير في جميع أنحاء العالم والتي تؤثر على 537 مليون بالغ (تتراوح أعمارهم بين 20 و79 عاماً)، ومن المتوقع أن ترتفع هذه القراءات مع حلول عام 2030 إلى 643 مليوناً، وحوالي 783 مليوناً بحلول عام 2045.

https://diabetesatlas.org/

يقسم مرض السكري إلى عدة أنواع، ولكن جميعها تشترك في مشكلة شائعة ألا وهي عدم قدرة البنكرياس على إنتاج كمية كافية من الأنسولين (الهرمون المسؤول عن تنظيم مستويات السكر في الدم) أو عدم قدرة الجسم على الاستفادة من الأنسولين الذي يقوم بإنتاجه.
يعد ارتفاع نسبة السكر في الدم أحد الآثار الجانبية الشائعة لمرض السكري غير المنضبط. مع مرور الوقت يمكن لهذه الحالة أن تسبب أضراراً جسيمة تؤثر على أجهزة الجسم المختلفة.

https://www.diabetes.org.uk/professionals/position-statements-reports/statistics
https://www.who.int/news-room/fact-sheets/detail/diabetes
https://www.diabetes.org.uk/diabetes-the-basics

يقسم مرض السكري إلى نوعين رئيسين: النوع الأول والنوع الثاني. يعاني المصاب بالسكري من النوع الأول بعدم قدرة البنكرياس على إنتاج الأنسولين. أما النوع الثاني فيتمثل بعدم إنتاج كمية كافية من الأنسولين أو عدم قدرة الجسم على الاستفادة من الأنسولين الذي يتم إنتاجه.

إضافة إلى النوعين السابقين يوجد هناك نوع آخر ألا وهو سكري الحمل، والذي تصاب به أغلب السيدات خلال فترة الحمل. كما يوجد هناك أنواع أخرى ولكنها نادرة.

في جميع الأنواع، يتراكم السكر في الدم بحيث لا يستطيع البنكرياس تنظيمه. مما يؤدي إلى ظهور مضاعفات خطيرة على المدى البعيد بما في ذلك: تلف أعضاء وأجهزة الجسم المختلفة كالقلب والعينين والقدمين والكلى. من الحقائق المثيرة للدهشة هي أن مرض السكري يؤدي إلى ما يقارب 9600 حالة بتر قدم أو إصبع قدم أو قدم كاملة في كل عام في المملكة المتحدة، أي ما يعادل 185 حالة أسبوعياً.

المزيد عن مرض السكري من النوع الأول

يشكل مرض السكري من النوع الأول حوالي 10% من حالات مرض السكري. يحدث هذا النوع نتيجة خلل في أحد أنواع خلايا الجهاز المناعي والمعروفة بالخلايا التائية والتي تهاجم خلايا البنكرياس المنتجة للأنسولين. يوازي الانخفاض الكبير في نسبة الأنسولين في الجسم ارتفاع نسبة الجلوكوز في الدم. السبب الرئيسي وراء هذا الأمر ما زال غير معروف ولكن يعتقد أنه مرتبط بمجموعة من الظروف الجينية والبيئية.

يمكن أن يؤثر مرض السكري من النوع الأول على الأشخاص في أي عمر، ولكنه عادة ما يصيب الأطفال والشباب. يحتاج المصابون بهذا النوع إلى استخدام حقن الأنسولين للتحكم بمستويات السكر في الدم. كما يتوجب عليهم مراقبة مستويات السكر بعناية للتأكد من أن المستوى ضمن الحد المقبول. في حال عدم حصول المصابين على الأنسولين فإن نهاية هذا المرض وخيمة وقد تنتهي بالوفاة.

المزيد عن مرض السكري من النوع الثاني

يشكل مرض السكري من النوع الثاني 90% من حالات مرض السكري، والذي يحدث بشكل شائع نتيجة انخفاض النشاط البدني الذي يوازيه زيادة كبيرة في الوزن. حتى هذه اللحظة، يمكننا القول أن هذا المرض يعد شائعاً بين البالغين فقط ولكن من الممكن أن يحدث عند الأطفال أيضاً.

قد تتشابه أعراض هذا المرض مع أعراض النوع الأول ولكنها غالباً ما تكون أقل شدة. ولذلك عادة ما يتم تشخيص المرض بعد سنوات من ظهوره، أي بعد حدوث مضاعفات المرض.

يعد الأنسولين أحد الهرمونات الأساسية في الجسم، والذي يسمح بتزويد أجسامنا بالطاقة عن طريق السماح للجلوكوز بالدخول إلى الخلايا. في النوع الثاني من مرض السكري يقوم الجسم بتكسير الكربوهيدرات من الطعام والشراب وتحويلها إلى جلوكوز. يستجيب البنكرياس إلى ارتفاع نسبة الجلوكوز بإفراز المزيد من الأنسولين ولكن نظراً لأن الأنسولين لا يعمل بشكل صحيح في هذه الفئة من المرضى، فإن مستويات السكر تستمر بالارتفاع في الدم، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى فشل البنكرياس في إتمام وظيفته في إنتاج كمية كافية من الأنسولين مما يسبب ارتفاع نسبة السكر في الدم والذي بدوره يزيد من خطر حدوث المضاعفات الخطيرة المرتبطة بفرط السكر في الدم.

علاج مرض السكري وإمكانات الخلايا الجذعية في العلاج

على الرغم من معرفة سبب الإصابة بمرض السكري من النوع الأول ودور المناعة الذاتية في تدمير خلايا البنكرياس إلى أن الوصول إلى علاج فعال قد يكون أمراً صعباً للغاية. تعرف الخلايا المسؤولة عن إنتاج الأنسولين وتخزينه وإطلاقه بالجسم باسم خلايا بيتا وتوجد في البنكرياس في منطقة تعرف بجزر لانجرهانز. هذه هي الخلايا التي تقوم الخلايا التائية للجهاز المناعي بتدميرها عند الإصابة بمرض السكري من النوع الأول.

في السنوات الماضية، تم دراسة إمكانية استخدام الخلايا الجذعية لعلاج مرضى السكري من النوع الأول والثاني.

أشارت الدراسات السريرية إلى أن زراعة البنكرياس وخلايا بيتا المنتجة للأنسولين قد تكون ممكنة لمرضى السكري من النوع الأول والذين يعانون من ضعف التحكم بنسبة السكر في الدم. على مر السنوات الأخيرة، أشارت التحسينات في عزل الخلايا الجزيرية واستخدام الادوية المثبطة للجهاز المناعي لمنع الرفض بعد الزراعة ونتيجة لذلك زيادة كفاءة زرع جزر لانجرهانز في البنكرياس. 60% من مرضى السكري من النوع الأول الذين قاموا بهذا الإجراء تمكنوا من الاستغناء عن أدوية الأنسولين بعد 5 سنوات من عملية الزرع.

https://academic.oup.com/edrv/article/40/2/631/5239681

وعلى الرغم من الجهود القائمة، ما زالت هناك تحديات مرتبطة بالنقص الحاد في البنكرياس والجزر الصغيرة المشتقة من المتبرعين بالأعضاء البشرية وحماية هذه الخلايا من هجوم الجهاز المناعي بعد عملية الزرع.
مؤخراً تم العمل المكثف لحل مشكلة الإمدادات، حيث أصبح من الممكن إنتاج خلايا بيتا (المنتجة للأنسولين) في المختبر. في هذه العملية يتم استخدام الخلايا الجذعية الجنينية البشرية أو الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات والتي هي عبارة عن خلايا جذعية مصدرها خلايا البالغين (كالدم أو الجلد أو نخاع العظم) تم إعادة برمجتها وراثياً لتغييرها إلى نوع آخر كتلك المنتجة للأنسولين.

https://www.diabetes.org.uk/about_us/news/stem-cell-therapy
https://www.nytimes.com/2021/11/27/health/diabetes-cure-stem-cells.html

إضافة إلى زيادة أعداد خلايا بيتا الوظيفية في الجسم يعمل العلماء جاهدين على تطوير طرق لحماية هذه الخلايا من ردود الفعل المناعية الضارة. يشارك كل من أخصائيي المناعة والمهندسين الحيويين في مجموعة من الاستراتيجيات لحماية الخلايا المزروعة من الهجمات المناعية. من الاستراتيجيات الأكثر استخداماً هو استخدام الهندسة الخلوية لجعل هذه الخلايا أكثر مقاومة للهجمات أو تغليف الخلايا داخل أغشية شبه نافذة لحمايتها من خلايا الجهاز المناعي. تسمح هذه الكبسولات المسامية للجزيئات الصغيرة كجزيئات الجلوكوز والانسولين بالمرور عبرها وبذلك توفر الحماية ضد خلايا الجهاز المناعي. ما زالت الدراسات قائمة ولم تصل إلى أي نتائج نهائية بعد.

https://www.closerlookatstemcells.org/stem-cells-medicine/diabetes/

ركز نهج آخر على استخدام الخلايا الجذعية لخفض قدرة خلايا المناعة الذاتية على تدمير خلايا بيتا في مرضى السكري من النوع الأول. تستخدم هذه الاستراتيجية الخلايا التنظيمية التائية المحسنة والمولدة من المختبر خارج الجسم الحي(Tregs) ، والتي يمكن أن تعمل على تثبيط الاستجابات المناعية المفرطة.
تم إثبات أن نشاط (Tregs) ضعيف لدى مرضى السكري، ولذلك تهدف هذه التقنية إلى استعادة التوازن الطبيعي. لاختبار علاج Treg في مرضى السكري من النوع الأول، قيمت التجارب السريرية للمرحلة الأولى سلامة وفعالية حقن Tregs بهدف عكس ظهور المرض الحديث في المرضى. تم إعطاء الأطفال الذين تم تشخيصهم حديثاً بهذا المرض والمشاركين بهذه التجربة دفعات من علاج Treg (تم الحصول عليها من خلايا الأطفال أنفسهم وتم توسيعها خارج الجسم في المختبر). أشارت البيانات المسجلة إلى أن العلاج بهذه الطريقة كان فعالاً وأمناً بحيث انخفض اعتماد الأطفال المشاركين على الأنسولين. بعد عامين من المتابعة، ما زال بعض المشاركين بحاجة إلى جرعات أقل من الأنسولين وبالأخص أولئك الذين تلقوا جرعتين فقط من Tregs

https://diabetesjournals.org/care/
https://www.sciencedirect.com/science/

كما تم اختبار سلامة ونجاح نقل الخلايا الذاتية والتي تم توسعتها في المختبر إلى مرضى السكري من النوع الأول الذين ظهروا في المرحلة الأخيرة من التجارب السريرية،  ولكن مع ذلك، فشلوا في إظهار تحسن كبير ومستمر في المرض.

https://www.cirm.ca.gov/clinical-trial/

قد تكون النتائج المختلطة من هذه الدراسات ناتجة عن العديد من العوامل مثل الاختلافات في المرضى وتصميم التجربة أو ما إذا كان هذا العلاج كخيار مستقل فعالاً. تقوم تجربة جديدة حالياً بتقييم إدارة دواء مناعي يسمى IL-2 مع Tregs ذاتياً لمحاولة تحسين وظيفة الخلايا المنقولة.

https://clinicaltrials.gov/ct2/show/NCT02772679
https://insight.jci.org/articles/view/147474

الدور المحتمل للخلايا الجذعية المشتقة من دم وأنسجة الحبل السري

بغض النظر عن أنواع الخلايا المذكورة أعلاه، تم فحص أنواع مختلفة من الخلايا الجذعية في البيئات السريرية وقبل السريرية. أثبتت خلايا دم وأنسجة الحبل السري أنها مفيدة بالفعل، حيث توفر العديد من المزايا مقارنة بالمصادر الأخرى. الأهم من ذلك ، أن الخلايا الجذعية المشتقة من دم وأنسجة الحبل السري يمكن الحصول عليها بكل سهولة و بشكل غير جراحي أثناء عملية الولادة وليس لها أي مضاعفات أخلاقية كتلك المرتبطة بالخلايا الجذعية الجنينية. يمكن الاستفادة من هذه الخلايا في تطبيقات الطب التجديدي بما في ذلك إمكانية علاج مرض السكري.

يحتوي دم الحبل السري على مزيج متنوع من الخلايا كما يعد مصدر رئيسي للخلايا الجذعية التي يمكن أن تتطور إلى أنواع مختلفة من خلايا الدم القادرة على تكوين الدم والجهاز المناعي. إضافة إلى خلايا Treg(المذكورة في الأعلى) يحتوي دم الحبل السري على أنواع أخرى من الخلايا القادرة على علاج اضطرابات المناعة كمرض السكري. لا يقتصر وجود الخلايا الجذعية الوسيطية على دم الحبل السري فقط إنما هي موجودة في طبقة هلام وارتون داخل أنسجة الحبل السري كذلك، تلعب هذه الخلايا دوراً أساسياً في الطب التجديدي.

تمتلك الخلايا الجذعية الوسيطية القدرة على المساعدة في التئام أو تجديد الأنسجة المصابة أو المريضة باستخدام طرق متعددة. يمكن لهذه الخلايا الانقسام والتمايز إلى أنواع مختلفة من الخلايا، والأهم من ذلك أنها قادرة على تثبيط العمليات المناعية الضارة كتلك التي تظهر لدى مرضى السكري من النوع الأول. تمتلك هذه الخلايا خصائصاً مضادة للالتهابات كما تعمل على إنتاج مجموعة من البروتينات التي تعزز التئام الأنسجة التالفة في مكان الإصابة.

كشفت تحاليل البيانات السريرية مؤخراً على وجود دليل على فعالية الخلايا الجذعية المستخرجة من أنسجة الحبل السري مقارنة بتلك الموجودة في دم الحبل السري في علاج مرض السكري من النوع الأول والثاني باستخدام أنسجة الحبل السري المتبرع بها وخلايا الدم الذاتية المستخدمة عادة. على الرغم من النتائج المشجعة أكد القائمون على هذه الدراسة إلى الحاجة إلى المزيد من الدراسات السريرية لتحقيق الفعالية العلاجية المطلوبة للخلايا المختارة أو المخصبة من دم الحبل السري.

https://stemcellres.biomedcentral.com/articles/10.1186/s13287-020-01996-x

في أستراليا، أجرى الفريق أول بحث سريري عرف باسم CoRD، لتقييم ما إذا كانت خلايا Tregs أو الخلايا الجذعية الوسيطية الموجودة في دم الحبل السري قادرة على وقف تدمير خلايا الجهاز المناعي لخلايا بيتا في البنكرياس وحماية الأطفال من خطر الإصابة بمرض السكري.
تم إجراء هذه الدراسة على الأطفال المعرضين لخطر الإصابة بمرض السكري (الذين يمتلكون مصابين بالمرض من أحد أفراد العائلة) والذين تم تخزين خلايا دم الحبل السري الخاص بهم في بنك دم الحبل السري.

تتضمن الدراسة التجريبية الأطفال المؤهلين الذين يتلقون حقنة من دم الحبل السري المخزن الخاص بهم. نأمل أن تساعد هذه الدراسة على فهم نظام المناعة لدى الأطفال المعرضين لخطر الإصابة بمرض السكري.

https://parentsguidecordblood.org/sites/

أظهرت التجارب السريرية للمرحلة الأولى \ الثانية سلامة وجدوى استخدام الخلايا الجذعية الوسيطية في علاج كل من مرض السكري من النوع الأول والثاني، والتي بدورها تمهد الطريق للمزيد من الدراسات والاستراتيجيات المبتكرة.

https://clinicaltrials.gov/ct2/
https://clinicaltrials.gov/ct2/
https://clinicaltrials.gov/ct2/show/

مستقبل علاج مرض السكري بالخلايا الجذعية

أشارت الدراسات السريرية وقبل السريرية إلى اعتبار علاج مرض السكري وبالأخص النوع الأول باستخدام الخلايا الجذعية أحد العلاجات الواعدة. ومع ذلك، ما زالت هناك الحاجة إلى المزيد من الدراسات لتخطي العقبات وإيجاد إجابة عن جميع التساؤلات. يتطلب الأمر بروتوكولات مخبرية/تخزينية موحدة بشكل جيد لمنتجات التجارب السريرية. كما يوجد هناك حاجة ماسة لإجراء تجارب عشوائية مصممة بشكل صارم مع عدد أكبر من المرضى. على الرغم من كل هذه العقبات، العلاج بالخلايا الجذعية يمثل نهجاً مثيراً وقابل للتطبيق في علاج مرضى السكري من النوع الأول.

اطلب الكتيب المجاني عبر الإنترنت أو تحدث إلينا لمعرفة المزيد

الاعتمادات

WhatsApp us